دور التربية البدنية والرياضية في الحد من العنف المدرسي عند المراهق.
إن الطفل والمراهق في فترة حياته يحتاج للإثارة والمغامرة والانتماء ومجال لتنفيس طاقته حبا للنشاط، ولا يتم تحقيق ذلك إلا عن طريق نشاط رياضي هادف وهذا ما توفره له حصة التربية البدنية والرياضية، ومع انتشار الهوائيات المقعرة وسيطرة أفلام العنف الأجنبية على الشاشات وتتبع الأطفال لها، تولدت لديهم الرغبة في التقليد ضف إلى ذلك العنف الذي مس الكثير من العائلات جراء متابعة هذه الأفلام وخلف وراءه أمراض نفسية كبيرة منها حب الانتقام واستعمال العنف لتخفيف هذه الرغبة وكذا الضغوط النفسية الاجتماعية وعدم توفر وسائل الترفيه وغياب تفهم الوالدين لتوفير وسائلالراحة في البيوت كل هذه الأسباب تساعد على تنامي ظاهرة العنف المدرسي، فنرى أن التلميذ يقلل من احترامه للأستاذ حيث أصبحت تصرفاته عنيفة لفظيا كاستعمال للكلمات الجارحة (السب، الشتم، الحركات باليدين،) وقد تتعدى ذلك إلى العنف المادي "الضرب" فطالما سمعنا عن حوادث كضرب التلميذ لأستاذه سواء باليد أو بوسائل أخرى،أو يرد غضبه على تلميذ آخر إما خلال الحصة أو أثناء الاستراحة بين الحصص، وفي حالات خاصة يقوم باستعراض عضلاته بالتعدي على الفتيات لفظا وتعبيرا عن مواقفه الرجولية هذا عن العنف الصادر من التلميذ اتجاه التلميذ، أما بالنسبة للعنف الصادر من الأستاذ اتجاه التلميذ فقد يكون لفظا أوفعلا وهو ما يخلق الرغبة في الانتقام والحقد. وعليه نحاول من خلال هذا البحث الكشف على دور وأهمية التربية البدنية والرياضية كحصة تربوية هادفة تحاول من خلال النشاط الرياضي التقليل من ظاهرة العنف المدرسي الذي أصبح هاجساً خطيرًا يضر بالمدرسة، والمجتمع على حد السواء .
إن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن حصة التربية البدنية والرياضية هي من أهم المواد الأكاديمية التربوية التي تساهم بصفة فعالة في عملية التربية على مستوى المدارس، ولكن ومع استفحال ظاهرة العنف تسجل مدارسنا اليوم ارتفاعا مخيفا للظاهرة داخل المدرسة، حيث سجلت في الآونة الأخيرة 4273 حالة اعتداء جسدي بين التلاميذ. بحيث أن مخلفات هذا الارتفاع المذهل لهذه الظاهرة دفعنا للبحث عن الوسائل التربوية التي تمكننا من الوقاية من هذا السلوك، وانطلاقا من أن حصة التربية البدنية والرياضية مادة تربوية يتفاعل فيها مباشرةالأستاذ والتلميذ لما تحويه هذه الحصة من ميزات خاصة في المجال النفسي التربوي دفعنا إلى طرح
التساؤل التالي : هل لحصة التربية البدنية والرياضية دورفي التقليل من العنف على مستوى مدارسنا في مرحلة المراهقة؟
إن حصة التربية البدنية و الرياضية، هي جزء بالغ الأهمية كونه مادة تسعى إلى تحسين الفرد بصفة خاصة و المجتمع بصفة عامة من خلال ما تمده لنا من أنشطة رياضية و تربوية تخاطب الجسم و العقل معا، خاصة في المرحلة المراهقة التي هي أهم مرحلة في حياة التلميذ لأنها مرحلة نمو عقلي وجسدي مليئة بالتناقضات, ومن ثمة جاء موضوعنا هذا الذي نحاول أن نسلط الضوء فيه على ظاهرة العنف المدرسي. الذي يهدد مؤسساتنا التربوية و منه المجتمع.ولقد اعتمدنا في تقديم هذا البحث الارتكاز على جانبين أساسيين هما:
أولا: جانب عملي ميداني: إن حصة التربية البدنية و الرياضية فسحت المجال أمام التلميذ ليلعب و يمرح و يفوز و يربح و كل هذه الأشياء كتنفيس عن مكبوتا ته وهروبا من المشاكل التي يعانيها فبدل أنه يغضب ويثور في وجه زملائه أو الأستاذ حتى يضرب أو يضرب، فيقوم بتفريغ هذه المكبوتات خلال ممارسته لمختلف الأنشطة الرياضية بدل الانطواء و العزلة.
ثانيا: جانب علمي: مادة التربية البدنية و الرياضية هي مادة رسمية ضمن المنهاج العام للمنظومة التربوية وهي المادة التي لها أكبر تأثير مباشر و غير مباشر على الدروس الأكاديمية الأخرى. فهي تعطي التلميذ نفس جديد وروح عالية لإستقبال الحصص الأخرى وهذا ما نجده في مختلف فوانين التربية البدنية و الرياضية، الصادرة في 1976 " أفريل 1989 " وكذا قانون 2004 و التي تنص على إلزامية ممارسة النشاط البدني الرياضي في كل الأطوار التعليمية، واختيارها مادة أساسية مثل باقي المواد الأكاديمية الأخرى. وهذا راجع لما تلعبه من دور فعال في بناء المواطن الصالح من الناحية البدنية، النفسية، الاجتماعية.
المفاهيم الواردة في الدراسة:
*التربية البدنية و الرياضية:التربية البدنية والرياضة عند " شارلز بيوكر " هي ميدان تجريبي هدفه تكوين المواطن الصالح اللائق من الناحية البدنية والانفعالية والاجتماعية وذلك عن طريق ممارسة ألوان النشاط البدني الرياضي.
كما يعرفها "ويليامز" على أنها مجموعة الأنشطة البدنية والرياضيةالمختارة التي يمارسها الأفراد وفق حالة كل منهم،ومنه فإن التربية البدنية والرياضية هي العملية التنموية للجسم والعقل معا حيث تسمح له بالنمو السليم بمبادئ وأخلاق عالية وصحة جيدة وحركات صحيحة.
* حصة التربية البدنية والرياضة: حصة التربية البدنية هي عملية توجيه، النمو البدني والقوام للإنسان باستخدام التمرينات البدنية والتدابير الصحية وبعض الأساليب،التي تشترك مع الوسائل التربوية بتنمية النواحي النفسية والاجتماعية الخلقية على مستوى المدرسة والتلاميذ،ومن ثمة فإن حصة التربية البدنية هي عملية تربوية فوق الميدان تساهم في النمو البدني والصحي للتلاميذ تحت إشراف أستاذ.
* ظاهرة العنف : إنظاهرة العنف هي تبيان للشيء وظهوره بعد جفائه أو بروزه أو بعد عدمه أو جوده على الواقع والظاهرة غالبا ما تكون شيء غير مألوف وعلى غير العادة
* العنف: اصطلاحا كلمة العنف تعني صفة عنيفة تستعمل فيها القوة بطريقة تعسفية هدفها الإرغام والقهر .
والعنف عند المفكرين العرب هو فعل خشن فظ يهدف إلى الضغط.وإرغام الآخرين، فليس فقط التعدي الجسدي على الآخرين بل أنه يمكن أن يكون على شكل تعدي شفوي أو حركي أي عن طريق الإشارات أو الحركات المحرجة للآخرين قصد شر ما ومن هنا أعتبر مشكلة أخلاقية.
وعليهيمكننا القول أن كلمة العنف تعني التعدي على حرية وكرامة الآخرين سواء كلامًا أو فعلاً بدافع عدوانية واندفاعية حادة قصد إهانة الشخص أو الحصول على شيء معين.
* التلميذ :هو الشخص الذي يتلقى دروس من لدن المعلم بانتظام وفق نظام تربوي معين ومحدد ويسمى المستقبل أو المتلقي .
* المراهقة:مرحلة عمرية محصورة بين الطفولة المتأخرة ومرحلة الشباب وهي في الغالب تكون بين
12 -15 سنة للإناث و13-16 سنة للذكور.
* المدرســــة :
تمثل المنزل على نطاق أوسع وهي أكثر ثباتا وأشد خضوعا لتطورات المجتمع،وهي مؤسسة ثقافية تربوية تؤثر في نمو وسلوك الفرد وذلك بما هيئته من أنواع متنوعة من المناشد الاجتماعية التي تساعد على النمو في كل الجوانب.
* العدوان : التغلب على المعارضة بالقوة ، انتقاد الآخرين علنا ، الميل إلى لوم الأخرين علنا و التنذر عليهم.
* العدوانية : هذه السمة تشير إلى الأفراد الذين يقومون تلقائيا بالأعمال العدوانية البدنية أو اللفظية و يستجيبون بصورة انفعالية و يتصدون للآخرين بالهجوم أو المشاحنات و يتميزون بالاندفاع و عدم الهدوء و محاولة تدمير الغير و ممتلكاته
- الخلاصة العامة :
إن مادة التربية البدنية هي مادة تربوية تعمل على تنمية القدرات الحركية والمهارية والعقلية عند التلاميذ إضافة إلى كونها فضاء مفتوح أمامهم للتنفيس عن مكبوتا تهم لما تحتويه هذه الحصة من ألعاب مختلفة وتمارين رياضية متعددة تمد التلاميذ بالرضا والمتعة خاصة وهو في مرحلة المراهقة التي تحتاج إلى مجال يحقق فيه ذاته. ومع غزو ظاهرة العنف للمجتمع عامة والمدرسة خاصة وباعتبارها- المراهقة- اللبنة الأولى لبناء الأمة وتوطيد دعائمها فإن لحصة التربية البدنية و الرياضية دور فعال وإيجابي في التقليل من العنف المدرسي عامة و المجتمع خاصة لدى التلميذ المراهق..
03- التوصيات:
نظرا لما جاءت به الدراسة من أشياء ايجابية يمكن استغلالها يوصي الباحثان بمايلي:
- الاهتمام بحصة التربية البدنية والرياضة وتوفير كافة الشروط الضرورية من أجل أن يقوم بدوره بالشكل المطلوب.
- التأكيد على الدور الإيجابي الذي تلعبه حصة التربية البدنية والرياضية في التقليل من العنف داخل المؤسسة التربوية .
- إعادة النظر في الحجم الساعي الأسبوعي لأن الدراسة أوضحت لنا أنه كلما كان الوقت طويلا على ممارسة حصة التربية البدنية والرياضة كلما مال التلاميذ في تصرفاتهم إلى استعمال العنف.
- تشجيع التلاميذ على ممارسة النشاطات الرياضية خارج نطاق المدرسة، حتى تعمل على التقليل من العنف وكذلك تكون دعمًا لحصة التربية البدنية والرياضة.
- تكثيف النشاطات الرياضية والدورات التي تتم بين الأقسام من قبل الإدارة وتشمل المنافسة بين مختلف التلاميذ مع تكريم الفرق التي تتمتع بالروح الرياضية.- التحسيس بخطر العنف داخل المؤسسات التربوية وإيجاد الأشياء التي تحد منه أو تعمل على تقليله.
- إجراء دارسات في موضوع العنف في مختلف أطوار المنظومة التربوية لتوضيح موطن الداء و معالجته بطرق علمية صحيح .